هل الأفضل أن تكون نصف سعيد أم وحيد؟
أكثر من شخص يعرض علي مشكلته ويقول أنا قررت الإنفصال والطلاق وهذا ما أراه هو الخيار الأفضل لمشكلتي، فأطرح عليه السؤال التالي : هل الأفضل أن تعيش نصف سعيد أم وحيد؟ فينظر إلي السائل بصمت لأنه لم يتوقع مني هذا السؤال، وبعد تفكير طويل يجيب علي سؤالي بقوله أنا لم أفكر بهذه الطريقة، فأقول له لأن قرارك بالطلاق يعني أن تبقى وحيدا واستمرارك بالزواج لا يجعلك سعيدا، فأنت إذن نصف سعيد، ولهذا أنا أسألك هل تختار أن تعيش نصف سعيد أم وحيد؟ فيقول وماذا يفيدني هذا السؤال ؟ فأقول له إن قرارك بالطلاق هو ربما يعالج مشكلتك الحالية فهو قرار وقتي، ولكن أجابتك علي سؤالي يعالج مشكلتك الحالية والمستقبلية، فأنأ أفتح عليك باب المستقبل وخاصة إذا كان عندك أولاد، بأن تتخذ قرارا يفيدك في الحاضر والمستقبل ولا أريدك أن تكون سعيدا بالحاضر وتندم علي قرارك في المستقبل،
فالكثير ممن يرغب بالطلاق يكون جوابه بأنه يعاني من مشاكل معينة مع الطرف الآخر وحاول أن يعالجها ولكن دون فائدة فلهذا هو يفكر بالطلاق، فاسأل المستشير سؤال آخر وهو إن الراحة التي تنشدها من الطلاق ليست مضمونة، مثلما أن السعادة التي تتمناها مع الطرف الآخر ليست مضمونة، فيقول لي نعم كلامك صحيح ولكني أنا تعبت من الحياة مع الطرف الآخر فما الحل ؟ فعندما أطرح هذين السؤالين علي صاحب المشكلة فأنا لا أقول له وهو مقتنع بالطلاق بأن الطلاق ليس صحيحا، وإنما أدعوه للتفكير أكثر والتأمل أكثر وأن تكون نظرته عميقة لقراره حتى لا يندم في المستقبل علي قراره، خاصة إذا كان الطرف الثاني عنده إيجابيات كثيرة وسلبيات قليلة، وبعض الذين أطرح عليهم السؤال يكون الجواب عندهم حاضرا بأنهم يقولوا مرارة الوحدة ولا العذاب الذي أعيش فيه مع الطرف الآخر،
ولكن يبقى السؤال مهم في الموازنة بين هل أعيش نصف سعيد مع شخص أم أعيش وحيدا؟ وخاصة في حالة لو فكر أحد الطرفين بالطلاق وهو بعمر متقدم فتكون فرصة الزواج الثاني شبه ضعيفة، فقد يكون الإستمرار في العلاقة بسبب الأولاد أو لاشباع حاجات شخصية أو بسبب توفير حياة كريمة مرفهه، فلو كان هذا السبب فليس خطأ أن يختار الإنسان أن يعيش نصف سعيد وهو يحقق مثل هذه الفوائد من الزواج،
فلا توجد سعادة كاملة ولا يوجد زواج من غير منغصات ولكن الإنسان يحاول أن يتعايش مع مرارة الحياة وآلام العلاقة طالما أن نسبة الإيجابيات فيها أكثر من السلبيات، فالمعادلة صعبة وخاصة في مسألة الطلاق، وأذكر أن امرأة دخلت علي تستشيرني في أمر طلاقها وقد أحضرت ورقة كتبت فيها ايجابيات وسلبيات الطلاق أوالإستمرار، وقالت بعدما كتبت الورقة صرت في حيرة أكثر، فقلت لها لماذا ؟ قالت : لأن ايجابيات الطلاق وايجابيات الإستمرار متساوية كما أن سلبيات الطلاق وسلبيات الإستمرار متساوية فما عرفت اتخذ قرارا، فقلت لها طالما أن الإيجابيات والسلبيات تساوت إذن في هذه الحالة ننتقل لمعيار آخر في الحكم، وهو أن ندرس درجة كل ايجابية ودرجة كل سلبية، ثم طلبت منها أن تعطي درجة من عشرة لكل سلبية وايجابية، فقيمت السلبيات والإيجابيات وجمعت نتائجها فظهرت لنا أن الطلاق حصل على درجة أكبر من الإستمرار، فقلت لها إن الدراسة والتحليل تساعدك علي اتخاذ قرار الطلاق فهو الصواب والرأي لك في النهاية،
فأحيانا تظهر النتائج أن الطلاق أفضل ولكن التفكير في هل أعيش نصف سعيد أم وحيد ورغبة الشخص في أن لا يعيش وحيدا ولا مانع عنده بأن يعيش نصف سعيد قد يغير قرار الطلاق عنده علي الرغم من قناعته بالطلاق، وهذا تكنيك مهم أستخدمه أحيانا في مناقشة كل شخص بدأ يفكر بالطلاق