قال هل تستطيع أن تكلم الله ؟
كنت في اجتماع ببلد أجنبي مع أجانب غير مسلمين وحان وقت الصلاة فاستأذنت منهم قائلا إذا تسمحوا لي أن أصلى لمدة خمس دقائق ثم نتابع الإجتماع معكم، فاستغربوا من طلبي وسكتوا فقمت للصلاة وحرصت أن أصلى أمامهم في قاعة الإجتماع صلاة الظهر والعصر جمع وقصر، ثم رجعت إليهم فقال أكبرهم سنا نحن نعتذر أننا لم نخرج من القاعة وقت صلاتك لأن المكان ليس لنا فنرجوا أن لا نكون قد ضايقناك، فقلت لهم : أبدا لا توجد أي مضايقات لأننا عندما نصلى نكلم الله تعالى مباشرة فلا يهمنا من يكون بقربنا أو معنا، فاستغرب من هذه المعلومة وقال : يعنى وجودنا عادي، قلت له : نعم، فعندما نصلى نحن لا يشترط أن يكون المكان خاليا،
فقال : وكم مرة تصلى أنت وتكلم ربك باليوم، قلت : خمس مرات ولكني عندما أكون مسافرا أصلى الخمس فروض في ثلاثة أوقات وأقصر بالصلاة أحيانا حسب المسافة والوقت، فاستغرب أكثر من كلامي وقال لماذا؟ قلت : لأن الإسلام يراعى ظروف الإنسان فالإسلام دين الإنسانية وربنا يعلم أن المسافر مشغول وعنده أهداف يريد أن يحققها قبل عودته لبلده فسهل علينا أمر الصلاة، فسكت المحاور وكان الحضور وهم ثلاثة أشخاص يستمعون لكلامي بصمت، فقال المحاور جميل ما قلته، فابتسمت وتابعت معهم بنود الإجتماع، ولكني شعرت بعد ذلك بأنه يعاملني باحترام أكثر ولعل هذا الموقف أثر فيه
أنا حرصت عندما سألني عن الصلاة أني أقول له كنت أكلم الله ولم أقل له بأني أصلى لأن المسلم هو الوحيد ألذي يستطيع أن يكلم الله ويتوب إلي الله مباشرة من غير وسيط مثل رجل دين، وأعتقد أنه أستغرب من ذلك بأن علاقتنا مع الله مباشرة، وأذكر مرة حان وقت الصلاة وأنا أمشى بالسوق باحدى الدول الأجنبية فاخترت مكان منعزل ولكنه مشاهد من قبل الناس وصليت، وكان كل من يمر بهذا المكان يصورني، وبعد الصلاة تحدث معي أكثر من شخص يسأل عما فعلت وكنت أشرح لهم وهم يستمعون، بمثل هذه التصرفات السهلة والبسيطة قد تكون سببا في هداية الناس وتأثيرهم لأنهم قد يرون الحركات التى نعملها رياضة، والصلاة هي من حيث الشكل رياضة،
فحركات الصلاة كلها مفيدة صحيا، فالسجود يساعد الرئتين على نفث معظم الهواء خلال الزفير، كما يساعد سرعة جريان الدم في الأوردة ويمنع مرض تخثر الدم ويشجع البلغم على الخروج بسهولة، ويوسع القصبة الهوائية، أما أصابع القدمين عندما يبسطها المصلى تجاه القبلة أثناء السجود فتشتد عضلات القدمين والساقين فتضخ الدم بقوة إلي القلب وتقوى عضلات البطن ويكافح الإمساك، ومن يركع ويسجد بالشكل الصحيح فإن نسبة إصابته بالبواسير قليلة، وفوائد كثيرة لا مجال لذكرها الآن،
فالشخص الأجنبي ربما يرى الصلاة حركات رياضية ولكنه عندما يفهم حقيقة الصلاة فإنه يفاجأ بأنها تساهم في سعادة الروح والجسد، والناس في الصلاة خمسة أقسام، الأول الظالم لنفسه وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وأركانها، والثاني من يحافظ علي المواقيت ولكن غير خاشع ولا يجاهد نفسه بالخشوع، والثالث من يحافظ على الوضوء والأركان ويحاول أن يخشع ولكنه يجاهد ابليس من حتى يخشع، والرابع من تتوفر فيه جميع الشروط ولكن همه أن تكون صلاته صحيحة، والخامس من يعمل بجميع الشروط ويكون خاشعا فيها، فالأول معاقب والثاني محاسب والثالث مكفر عنه والرابع مثاب والخامس مقرب من ربه،
فالأجانب الغير مسلمين يبحثون ليل نهار عن شيء يريحهم ويجعل بالهم مرتاح ويحقق لهم رضى نفسي وسعادة وسلام داخلي، ولهذا هم يلجؤن للتأمل واليوغا والرياضات الروحية، ولو بحثو وجربوا صلاة المسلمين وفهموا معاني الآيات القرآنية لوجدوا ما يبحثون عنه ويعيشون بسعادة دائمة، ولهذا رسولنا الكريم قال لبلال رضي الله عنه (أرحنا بها يا بلال) فهي راحة لمن أحسن أدائها